تابعونا عبر الفيسبوك

djibouti

Tuesday 10 December 2013

المشهد السياسي في جيبوتي وتخوين الآخر !

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgandgGwfNW8BBz6gX_pHofRq2oYnXkv13nB4yNR2dJGrUNdNC3gPV6Q-qWzz1bg0YQXRHPb8qEhkVUbgey3qEoxZk-WVfXce3djRCWwVQWfc7Fv9ED0-uV3ZfDn22huZbYiNDqw38Ifwc/s1600/im1ages.jpg
تهمة الخيانة هي سمة جديدة في المجمتع الجيبوتي في هذه الأيام على المستوى السياسي دون الثقافي؛ حيث كان المجتمع الجيبوتي متسامحا ومسالمًا إلى درجة جعل العالم كله يشهد له بهذا التسامح الذي أخرجه من طوفان الصراع الذى أغرق جيرانهم.
وظل الجيبوتيون يفتخرون بهذا التسامح، وقد رددوا كثيراً أن التسامح والسِّلم الاجتماعي البضاعة الوحيدة التى يمتلكونها، ويصدرونها إلى العالم، إلا أن هذا التسامح يبدو أنه يتلاشى بعد كل يوم لأسباب عدَّة، منها أسباب سياسية خصوصاً الحراك الذي بدأ بعد الانتخابات البرلمانية التى جرت 22 فبراير 2013 وما ترتب عليها من احتجاجات على نتائج الانتخابات البرلمانية إذ اعتبرت المعارضة السياسية نتائج الانتخابات بأنها غير عادلة وغير نزيهة، في حين اعتبر الحزب الحاكم بأن النتائج صحيحة وبشهادة المراقبين الأجانب والمحكمة الدستورية، وقام الحزب الحاكم إثر ذلك باعتقالات واسعة شملت رؤساء الأحزاب ورموز المعارضة لفترات عديدة، والعلماء.
وقد تمَّ فصل بعض مؤيدي المعارضة من الوظائف بسبب انتمائهم السياسي وملاحقة بعض النشطاء السياسيين، كل هذا خلق جوًّا محتقنا ومشؤوما، وبدأ يشعر البعض بالغربة السياسية في بلدهم، وقد أصبحت – أحياناً – لغة خطابهم أن مَن في السلطة هم عصابة خونة، ولا يريدون الخير لهذا البلد، وهو شعور يزداد بعد كل يوم في أوساط المجتمع بدءً من النخب المثقفة ومرورًا بالفئات الناشئة الشباب والنساء.
وفي الطرف الآخر لا يقل خطابه السياسي – أيضاً – عن الاحتقان بل يزداد تطرفاً حيث يصف المعارضة بعدم المسؤولية وخيانة الوطن لمجرد أنه يختلف معه في الرأى، وينتقد كيفية إدارة الوطن علماً بأن الجميع شركاء في هذا الوطن ويجب أن يشترك الجميع في اتخاذ قراراته المصيرية سواء كان معارضاً أو مؤيداً لأن الجميع في سفينة واحدة، والأمم الأخرى تعتبر هذا الاختلاف ثراء وتعددا فكريا، بل وتعتبر وجود الاختلاف السياسي – في بعض الأحيان – ضرورة بشرية لتستمر الحياة ولتبتعد عن الركود.
إلا أن مجتمعاتنا الإفريقية تعيش – وفي سنوات طويلة – في ظل ركود فكري وسياسي وثقافي، مما أوجد مجتمعاً يعتبر من يختلف عنه في الفكرة أو الرأي عدوَّه الأول، ويتمنى له أن تلاحقه اللعنة حتى الموت، وهذا يهدِّد السلم الاجتماعي والتعايش السلمي بين الفئات الوطنية، وإن لم يتدارك العقلاء بمَن في السلطة في تغير استراتيجتهم في الحكم وإقدامهم على إصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وتفعيل دور العدالة الاجتماعية في كل الوزارات وعلى رأسها وزارتا العدل والتضامن الاجتماعي، وإن لم يبادر رئيس الجمهورية بمبادرات سياسية تخرج البلد من الأزمة السياسية، ويعترف بالواقع الجديد المتمثل في وجود معارضة سياسية قوية تختلف عن سابقتها بكل ماتعني هذه الكلمة، فهذا كله يهدد السلم والتعايش الاجتماعي، هذا على صعيد الحكومة.
أما المعارضة فيجب أن تأتي أيضاً بمبادرات جديدة، وأن تخفف من لهجة خطابها الثوري إلى لهجة مصالحة، وأن تتيقن بأنه لا توجد في السياسة اللعبة الصفرية the game of the zero, أي: الاكتساح أو الخسارة الصفرية، لأن السياسة هي لعبة الشدّ والجذب، وهذا أعني أن تغير المعارضة استراتجيتها السياسية، وأن تخفف من سقف مطالبها، وكما أننا نتفاهم في كل ما أعلنته المعارضة من المطالب (فتح حوار، وإيجاد أرضية خصبة لهذا الحوار متمثلة في الإفراج عن كل المعتقلين السياسين والصحفيين والعلماء الثلاثة، وإعادة كل من فقد أو تضرر بهذة الخلافات السياسية ومنهم رئيس بلدية جيبوتي عبدالرحمن TX ومديري ضاحية بلبلة وضاحية بولعوص إلى أعمالهم وأنشطتهم) أنها مطالب معقولة ومقبولة، إلا أن الجدل يدور حول نتائج الانتخابات البرلمانية والتى تصر المعارضة على أنها فازت وتقول الحكومة بخلاف ذلك.
وهنا أقترح أن يتجرع الجميع السمَّ من أجل الوطن، وأن تقتنع المعارضة بأقل من نصف أعضاء البرلمان، أو حتى ثلث الأعضاء، وهذا يعني عشرين عضوا برلمانيا من أصل 65 عضو، إذ يعطي الفرصة للجميع بحيث يستقر المشهد السياسي ويرفع عن الحكومة الحرج والضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي، وفي نفس الوقت يعطي المعارضة الشرعية وممارسة العمل السياسي في مقراتها ويسمح لمؤيديها للتجمع في كل المناسبات، وهذه الممارسة السياسية في داخل قبة البرلمان تعطي المعارضة الخبرة وتتعرف على مفاصل الدولة، ويشدُّ عضدها لتستعد للجولات القادمة، ويعيد الحريَّة لرموزها القابعين في السجون، وعلى رأسهم العلماء الأجلاء وبقية السياسين.
وهذه دعوة للجميع وليس لطرف دون الآخر إبراماً لذمة الوطن وإنصافاً له.

  سهل على : كاتب جيبوتي

No comments:

Post a Comment

اقسام المـدونـة

بحث هذه المدونة الإلكترونية