تابعونا عبر الفيسبوك

djibouti

Friday 22 November 2013

الثورة مادا فعلت بنا !!؟

  وأنا أراقب بكل مشاعري وأحاسيسي أثر انتقال  ثورتنا المباركة من الميادين إلى قلوب الناس وعقولهم ، وانعكاسها على واقع شباب اليمن، وفي نفوس كل فئات المجتمع أجد وبكل وضوح:
  • أن من كانت هوايته التصوير وجد ما يستحق الإنحناء والتمايل ليتمكن من لقطة ثورية نادرة، رغم خطورة ذلك أحيانا، فأصبح محترفا بعد أن كان هاويا.
  • والشاعر يتنزّل عليه ملاك الشعر لا شيطانه، وفي اليوم مرات عديدة. وقبل ذلك كان يأتيه في العام مرة أو مرتين، فتوقدت قريحته وأنارت للثوار دروبهم.
  •  والكاتب والصحفي فجّرت الثورة في نفسه ملكات جديدة، فقد رأى وشاهد وعايش ما يستحق التدوين والنشر، وإن كان سيدفع حياته ثمنا لذلك، فأصبحت لكلماته المكتوبة صوتا صداه الحرية والكرامة.
  • والموظف لم يعد يحتمل الجلوس على مكتبه وفي مؤسسته فاسد أو ظالم ، فثار بعد أن كان ساكنا ، وأصبح له ذكر، وقبل ذلك لم يكن شيئا مذكورا.
  • والمرأة وإن كانت تشاطر الرجل تماما بل ،وربما تفوقه في كل ما سبق، إلا أن أنوثتها أبت إلا  أن تثور بخصوصية المرأة اليمنية، فكان صوتها ثورة، وخضابها ثورة ، وخبزها ثورة ، فأدهشت العالم كله، بل وعلمت كل نساء الدنيا ، كيف تكون المرأة إنسانا كاملا وعظيما .
  • والطفل وجد نفسه كبيرا ، ولسان حاله متى كان السن علامة للصغر! فانطلق كمعاذ ومعوذ يبحث عن كل ذو جهل ليسقطه من قلوب الناس ومن عقولهم ، وقد فعلت أبرار يوم أن قالت : إرحل قتلت أبي ، وها قد رحل يا سيدتي.
  • والفنان غنّت روحه ومشاعره قبل حنجرته ، حين رأى أرواح الشهداء تتسابق نحو السماء دون تردد أو خوف أو وجل ، فأصبحت  نغماته وآلاته أسلحة فتاكة ، تصيب قلب كل ظالم بسكتة ثورية ترديه خائبا ، حينها لم يسأل أحد هل الغناء حلال أم حرام!
  • والخطيب تفاجئ أن كلماته ما أن تُفارق شفاه حتى يترجمها الناس فعلا ،  وهو قبل ذلك طالما صرخ في وجوه الناس، اتقوا الله.. فإذا به يرى  حشود المتقين هم ربما أكثر تقوى منه! وعندما أدرك ذلك استطاع النفاذ إلى قلوبهم فكانت لكلماته وقع آخر ، وأصبح لموعظته صولة وجولة .
  • والسياسي أصبح يقول ويفعل ويُستجاب له  بعد أن كان أسيرا للقول فقط ولم يكن لندائه مجيب. أصبح العالم يأتيه مُحاورا ومناقشا ، بعد أن كان على هامش اللعبة تماما.
  • والمفكر والمثقف ترك كرسيّه العاجي ، ونزل إلى خيمة الثائر ، فكان اللقاء هنالك مثمرا، ونضجت الفكرة وأصبح لها أرجل تمشي بها ، ويد تمسك بها لتوصلها إلى حيث تريد .
  • والفكرة يا سادتي أن المجتمع بكافة فئاته يوم أن قرر العمل بروح واحدة أنصت له العالم ، وتفاعل معه الكون ، وصفق له التاريخ مفاخرا ،  وهكذا عندما تلتقي إرادة الله بإردة الكون بإرادة البشر* عندها يصبح التغيير مسألة وقت فحسب.

المواطنة

جمال حميد المليكي

أولا: فلسفة فكرة المواطنة
كثير من المفاهيم رغم كثرة الحديث عنها إلا أنها ما زالت بحاجة إلى المقاربة بشكل يبرز عمقها الفلسفي قبل الحديث عن البعد الإجرائي الذي انتشر في منطقتنا العربية بفعل نقل بعض منظمات المجتمع المدني الفكرة كتكنيك، دون الأخذ بالاعتبار الفوارق المجتمعية التي تجعلنا بحاجة الى نقل عمق الفكرة وفلسفتها حتى يتمكن المواطن والناشط العربي والمسلم من إسقاطها على واقعه كانعكاس لإشكاليته هو، لا أن يبدو فقط ناقلا للفكرة لأنها جائت من الغرب أو الشرق.
 وفكرة المواطنة هي أحد هذه الأفكار التي نحاول مقاربتها في هذا المقال من الناحية الفلسفية والثقافية، ثم بعد ذلك يمكن التطرق للبعد الإجرائي من باب التذكير به فقط.
فالمواطنة هي فكرة وقيمة وجودية بامتياز ، وعندما نقول عن فكرة ما أنها وجودية بمعنى أنها متعلقة بوجود الإنسان فغيابها يعتبر انتقاص من وجوده بشكل من الأشكال. وهي كذلك انعكاس للكرامة الإنسانية التي جاءت من أجلها كل الأديان ووضعت في سبيلها كل التشريعات القانونية ، وهي كذلك الضامن لاستقرار وبناء الأوطان الذي هو هدف الحاكم والمحكوم في آن واحد.
المساكنة والمواطنة
تأتي دولة المواطنة في مقابل دولة المساكنة. ودولة المواطنة هي ببساطة أرض يمتكلها الجميع وينظمون علاقتهم عليها. بينما دولة المساكنة دولة يملكها الحاكم وهو من يتكرم على الفرد بالسماح له بالعيش في هذه القطعة من الأرض ويعطيه ما يراه من الحقوق تكرما منه لا حق للمواطن عليه ، مع الأخذ بالاعتبار أنه قد يكون هناك مواطنة شكلية كما هو الحال في بعض دولنا، مثل أن يكفل الدستور الكثير من الحقوق، ويعرّف الدولة أنها دولة مواطنة بينما في الحقيقة ليس للمواطن فيها إلا القدر البسيط  جدا من حقوقه الإنسانية.
عندما تصبح الفكرة في وعي الإنسان بهذه المصيرية وبهذا العمق يدرك أنها فكرة تستحق حتى الموت من أجلها، وأن يعيش حياته في سبيل أن ينالها أولاده إن لم يستطع أن يدركها هو! وبهذا يصبح للفكرة أيادٍ تبطش بها وأرجل تمشي بها حينها يكون الوقت مناسبا للاقتراب من الإجراءات.
 ثانيا: مراحل نشر فكرة المواطنة  
هذا نموذج للتبسيط فقط، يمكننا أن نتفق أو نختلف حول مسميات أو ترتيب المراحل  المذكورة.
  • مرحلة التحسيس بالفكرة:
    التحسيس يُقصد به رفع درجة الإحساس بالقيمة لدى المجتمع وتكثيف الحالة الشعورية بأهمية وجودها من خلال التناول الفلسفي لها، وبيان أهميتها وصناعة صورة مثالية مستقبلية  في نفوس الناس لتتشكل رؤية مجتمعية حافزة للتحرك نحو الفكرة.
  • مرحلة الفهم للفكرة:
بعد نجاحنا في التكثيف الحسي في وعي الفرد لأهمية الفكرة سيصبح لديه الرغبة الجامحة لفهمها الفهم المعرفي العملي الذي يمكنه من الانتقال بها للواقع، وبالتالي يأتي دور شرح الفكرة وبيان تفاصيلها النظرية.
  • مرحلة التشبع بالفكرة:
يقصد به الوصول بالفكرة إلى أكبر قدر ممكن من النخبة في المجتمع،  وأن تتكون كتلة حرجة من المجتمع تؤمن بالفكرة وبعمق شديد، ويصبح للفكرة أبطال وحواريين يناضلون من أجلها.
  • الإنتشار بالفكرة:
نشرها في عموم المجتمع بحيث تصبح حديث المقاهي والنوادي والبوادي والمدن من خلال تجسير الفكرة وتبسيطها حتى تصل إلى وعي الإنسان العادي. ومن أهم الوسائل في هذه المرحلة هو الفن الذي يصل إلى لاوعي المجتمعات ويختصر المسافات.
  • مأسسة الفكرة:
في هذه المرحلة تأتي الحاجة لوجود مؤسسات تساهم في نشر وحماية الفكرة والوصول بها إلى الفاعل السياسي، والسعي في بناء نظام حماية بمعنى أن يكون هناك قانون وجهات في الدولة مسئولة عن حماية الفكرة من أي جهة تفكر بالنيل منها.
ثالثا: معوقات فكرة المواطنة
بعض المجتمعات تقاوم التغيير حتى وإن كان نحو الأفضل، وبالتالي نحتاج أن نتعرف على المعوقات التي قد تحول بيننا وبين تجسيد فكرة المواطنة، والعوائق كثيرة جدا سنذكر الأهم منها:
  • إشكالية العقل الديني التقليدي في نظرته للدولة وللحاكم. وأذكر في هذا السياق أني كنت يوما ما أدرب على التداول السلمي للسلطة، والذي يعتبر أحد تجليات فكرة المواطنة فقام لي أحد المشايخ الدينيين الخريجين من أكبر المؤسسات الدينية في اليمن، فقال لي: من أين جئتم بهذا التداول! ألم يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى مات وحكم أبوبكر حتى مات، وحكم عمر وكذلك علي وعثمان !؟
 فوجود فكرة كهذه في عقلية الخطيب والواعظ والمفتي تُشكّل بشكل أو بآخر عائق لن نستطيع التبشير بالفكرة إلا بعد تفكيك هذه الأفكار ونقدها، وتبيين المقاصد الكبرى للدين التي تتوافق كليا مع فكرة المواطنة. وهل قام الدين إلا على فكرة العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية!
وقد يقول البعض أن هذه الأفكار لم تعد موجودة لدى الكثير من المنتمين للحركات والمؤسسات الدينية، ولكن المتأمل في الخطاب الديني سيجد الكثير من الأفكار المعيقة وإن كانت تختفي أحيانا وتظهر في أحيان أخرى وهناك من يرى أن هذا التغيير الفكري هو من باب التكتيك لا الإستراتيجية، وهنا تكمن إشكالية مضاعفة في تهديد عالم العلاقات السليم الذي نريد إنتاجه للمستقبل.
  • ومن العوائق كذلك المخيال التاريخي للدولة. فذاكرتنا التاريخية تقول لنا أن نموذج الحكم لدينا  نحن العرب والمسلمين هو ثلاثة نماذج. النموذج  الأسري القبلي، أو الراشدي، أو نموذج ولاية المتغلب. وإذا جاز لنا أن نستثني فترة النبوة وفترة الخلافة الراشدة  ( وهي قصيرة بالنسبة لما دونها ) فالدولة لدينا هي دولة الراعي والرعية والتي تتعارض في جوهرها مع فكرة المواطنة، وهذا يحتاج منا إلى غربلة التاريخ والمصارحة التاريخية  وعدم تبرير كل ما يتعارض مع القيم العليا للدين التي تجسد وتتفق بل وتدعو لفكرة المواطنة.
  • وهناك عائق معاصر يتمثل بحرص  كثير من القوى السياسية والاجتماعية على التحكم بالمجتمع والسيطرة عليه واعتبار الفرد جنديا من جنود هذه الفئة أو تلك ، بدلا من العمل على تمكين المجتمع  وبناءه بناء يمكنه من تحمل مسؤوليته بنفسه والمطالبة بحقوقه والقيام بواجباته، لا ن أن تكون هناك فئة تنوب عن المجتمع في ذلك. فدولة المواطنة تنسجم انسجاما كاملا مع فكرة المجتمع الحي بعيدا عن فكرة التكتلات التي تتصدر دائما لتمثيل المجتمع وتسويق أفكارها وكأنها خيارات الشعوب.
رابعا: المواطنة إجرائيا  
المواطنة من البعد الإجرائي  تم تناولها في كثير من الأدبيات والدورات التي تقيمها منظمات المجتمع المدني، ويمكن التذكير بأن المقصود بالمواطنة إجرائيا أن يكون نظام الدولة قائم على المساواة أمام القانون، والتوزيع العادل للثروة، وعدم احتكارها في يد فئة معينة، وحق المشاركة للجميع في اتخاذ القرار السياسي، وحفظ كل معاني الكرامة الإنسانية للمواطن، وعدم السماح لأي جهة بالنيل أو الانتقاص منها.

Tuesday 19 November 2013

اقسام المـدونـة

بحث هذه المدونة الإلكترونية